اعرف


➖ تعيد القضية التذكير بوقائع مماثلة يتعرض فيها مواطنين للحبس وأضرار مادية ومعنوية تؤثر على عملهم وحياتهم، بسبب اتهامات استندت لتحريات غير دقيقة من الشرطة، وهو ما يرصده فريق #متصدقش، في التقرير التالي: ⬇️⬇️


"نما إلى علمنا من مصادر سرية" | بعد براءة "أبو زيد".. "تحريات المباحث" تُورط الأبرياء مجددًا

Mar. 17, 2025 - موضوعات
"نما إلى علمنا من مصادر سرية" |  بعد براءة "أبو زيد".. "تحريات المباحث" تُورط الأبرياء مجددًا
صانع المحتوى أحمد أبو زيد
نتيجة التحري

📌 يوم السبت 15 مارس 2024، قضت محكمة جنايات طنطا الاقتصادية، ببراءة صانع المحتوى، أحمد أبو زيد، من تهمة "الاتجار في النقد الأجنبي". 

◾ حُبس "أبو زيد" احتياطيًا لمدة 40 يومًا، وتوقف عمله كمنتج محتوى عبر الإنترنت منذ القبض عليه في  29 ديسمبر 2024، وتضررت سمعته، بسبب اتهام اعتمد على محضر تحريات من إدارة مباحث الأموال العامة التابعة لمديرية أمن الغربية.

➖ تعيد القضية التذكير بوقائع مماثلة يتعرض فيها مواطنين للحبس وأضرار مادية ومعنوية تؤثر على عملهم وحياتهم، بسبب اتهامات استندت لتحريات غير دقيقة من الشرطة، وهو ما يرصده فريق #متصدقش، في التقرير التالي: ⬇️⬇️

⭕ "أبو زيد".. اتهام دون دليل

◾ في 29 ديسمبر 2024، تفاجأ "أبو زيد" وأسرته بقدوم قوة من الشرطة لتفتش منزله، وتضبط مبالغ مالية بالدولار الأمريكي وبالجنيه المصري، بحسب فيديو سابق لمحاميه، محمد عمر، مدير مؤسسة درع القانونية.

◾ لم تفهم أسرة "أبو زيد"، سبب القبض عليه حتى عصر اليوم التالي 30 ديسمبر 2024، عندما علموا بتحرير محضر له، أعده ضابط مباحث بمديرية أمن الغربية، بتهمه "اتجاره في النقد الأجنبي".

◾ بعد حملة تضامن واسعة مع صانع المحتوى الذي كان مرشحًا لجائزة قيمتها مليون دولار أمريكي، من قمة المليار متابع، التي ينظمها مكتب الإعلام الحكومي الإماراتي، أصدرت وزارة الداخلية، في 16 يناير 2025، بيانًا ادعت فيه ضبط رسائل على هاتف "أبو زيد" تؤكد "نشاطه الآثم" في الاتجار بالنقد الأجنبي، وتوعدت بـ"اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مروجي الادعاءات الكاذبة" عن القضية. 

◾ وردًا على بيان الداخلية، أوضح المحامي عمر، في تصريحات سابقة لـ#متصدقش، أن النيابة العامة بعد مطالعتها لهاتف "أبو زيد" لم تُثبت ذلك.

◾ ويُضيف "عمر" عقب صدور حكم البراءة، أن الضابط مُجري التحريات، ناقض نفسه أمام النيابة العامة؛ إذ قال إنه ألقى القبض على "أبو زيد" في 29 ديسمبر 2024، متراجعًا عما دونه في محضر التحريات عندما كتب أن القبض جرى بتاريخ 30 ديسمبر 2024.

◾ وأوضح "عمر" إن المحكمة ارتأت عدم وجود جريمة اتجار نقد أجنبي، بسبب عدم وجود دليل على قيام "أبو زيد" بذلك، وأنه يحق له استرداد الأموال التي ضُبطت بحوزته مرة أخرى. 

◾ وتبلغ قيمة تلك الأموال بحسب بيان سابق لوزارة الداخلية، 163 ألف دولار أمريكي.

◾ جريمة الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي، التي وجهت لـ "أبو زيد"، في حال ثبوتها، يُعاقب عليها بالسجن مدة تتراوح بين ما 3 و 10 سنوات وبغرامة تتراوح بين مليون و5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة، أيهما أكبر، مع مصادرة العملات، وفقًا للمادة 233 من قانون البنك المركزي.

⭕ كلمة السر "تحريات المباحث"

◾ في 2 سبتمبر 2024، قضت محكمة جنايات شبين الكوم، ببراءة 20 متهمًا، بعد حبس احتياطي طال لنحو 7 أشهر، من جريمة تأسيس وإدارة جماعة إجرامية منظمة تخصصت في تهريب المهاجرين إلى أوروبا، وإحالة المجني عليه الذي بلغ عن الواقعة، والضابط مُجري التحريات، إلى النيابة العامة لاتهامهما بالتزوير.

◾ تعود وقائع القضية، إلى إبلاغ مواطن يدعى محمود، عن تعرضه في يناير 2023 للنصب من 20 متهمًا، زعم أنهم يديروا شبكة هجرة غير منظمة إلى إيطاليا، وقال إنهم سفروه إلى روسيا ثم وصل إلى بولندا، وهناك أُلقي القبض عليه ورُحل إلى القاهرة، ورفض أحد المتهمين رد المبالغ الذي دفعها.

◾ دعمت تحريات المقدم محمود. ص، رئيس فرع وسط الدلتا بالإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، ما جاء في بلاغ "محمود"، فيما قَدم دفاع المتهمين أوراق رسمية أثبتت أن المجني عليه كان متواجدًا بعمله كفني هندسة ري، في الفترة الذي ادّعى فيها إنه سافر خارج مصر.

◾ وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها، أن الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، أفادت بأن تحريات ضابط الشرطة كاذبة ومزورة.

ما واجهه هؤلاء المتهمين، يواجهه المئات من المحبوسين احتياطيًا في قضايا سياسية مختلفة قَضوا في الحبس الاحتياطي فترات تجاوزت الحد الأقصى المقرر بعامين، قبل إخلاء سبيلهم أو حصول بعضهم على البراءة بعد الإحالة للمحاكمة، في قضايا يستند الكثير منها إلى محاضر تحريات يعدها ضباط الأمن الوطني، وتواجه انتقادات من محاميهم بسبب عدم كفاية المعلومات بها.

◾ يقول المحامي نبيه الجنادي لـ#متصدقش، إن أغلب موكليه المحبوسين في القضايا السياسية، يُحبسون ويحالون إلى المحاكمة، بناءً على تحريات "الأمن الوطني" بالمخالفة لأحكام النقض، التي قالت إن التحريات، لا تصلح أن تكون دليلًا بمفردها.

◾ ويُضيف "الجنادي" أنه تُتاح له فرصة الاطلاع على محاضر التحريات أثناء المحاكمة؛ إذ لا تتيح نيابة أمن الدولة العليا ذلك، ويوضح أن معظمها يكون بديباجة "نما إلى علمنا بناء على مصادرنا السرية كذا.."، وتُكتب اتهامات بناء على كلام مرسل، موضحًا أن الضابط لا يوضح مصدره السري، أو حتى كيفية عِلم مصدره بتلك المعلومات.

◾ ويشير "الجنادي" إلى أن بعض القضايا لا تضم وقائع محددة، "فخلال تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع المتهمين بالانضمام لجماعة إرهابية نسأل على مدار عامين عن اسم الجماعة، أو دور المتهم فيها، ولا نجد رد".

◾ تصف مديرة الوحدة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، هدى نصرالله لـ#متصدقش، بعض محاضر التحريات التي اطّلعت عليها في مرحلة المحاكمة، لمتهمين في قضايا سياسية، بأنها تضم عبارات فضفاضة، لا توضح آليات ارتكاب المتهم للواقعة المنسوبة إليه.

◾ وتُشير إلى أن ذلك ليس بالضرورة يعني حصول المتهم على البراءة، موضحة أن الأمر يرجع إلى القاضي، مثل حكم محكمة النقض، في فبراير 2025، بحبس بدر محمد، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مسجد الفتح" سنة بدل 5 سنوات -قضاهم بالفعل- رغم أنه كان قُبض عليه وهو طفل لم يتجاوز 17 عامًا، وكان ذاهبًا لشراء مستلزماته الدراسية، وهناك متهم قُبض عليه في تلك القضية بنفس الملابسات وحصل على البراءة.

◾ اعتماد "الأمن الوطني" على التحريات فقط في حبس مواطنين، واجهه عمال شركة غزل المحلة  في أغسطس 2024، عندما أضربوا عن العمل للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور (6000 جنيه وقتها).

◾ احتُجز 36 من العمال، وهُددوا بتحريك قضايا "تخريب وإضرار بالمصلحة العامة"، وهو ما دفعهم لفض الإضراب دون تحقيق مطالبهم، فيما حُبس 2 من زملائهم بالفعل لمدة 3 أشهر على ذمة القضية 717 لسنة 2024، باتهامي "الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة".

⭕ عوائق أمام التعويض

◾ تدفع تلك الحالات إلى التساؤل، حول استحقاق المتهمين الذين ثبتت برائتهم، لتعويض. يوضح "عمر" محامي "أبو زيد"، أن موكله يستحق التعويض، لكنه لم يقرر بعد المطالبة بذلك أم لا. 

◾وتنص المادة 312 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، على كفالة الدولة مبدأ الحق في التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي، لكل "من صدر بحقه حكم بات ببراءة وسبق حبسه احتياطياً، أو متهم قضية اتضح بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها".

◾ ووضع مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي وافق عليه مجلس النواب في فبراير 2025، قيودًا على استحقاقات تعويض الحبس الاحتياطي، وتجعل فرص الحصول على هذا الاستحقاق ضئيلة، مما يؤدى إلى تفريغ الحق من مضمونه، بحسب حملة "نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية" التي تضم عددًا من المراكز الحقوقية والقانونيين والنقابيين. 

وفق المادة 523 من مشروع القانون، إذا صدر حكم نهائي وبات بالبراءة فلا يستحق التعويض إلا إذا كان الحكم مبنى على أن الواقعة غير معاقب عليه، أو أن الواقعة غير صحيحة، ومن ثم فإذا صدر حكم البراءة استنادًا إلى أي سبب آخر فلا يستحق التعويض مهما بلغت مدته. 

وفي حالة صدور أمر نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى، لا يستحق التعويض إلا إذا كان الأمر استند فقط إلى عدم صحة الواقعة، ومن ثم إذا كان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى بسبب آخر شأن عدم كفاية الأدلة فلا يستحق المحبوس احتياطيًا أي تعويض مهما بلغت مدة حبسه، وفق حملة "نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية".

آخر التحقيقات